أخبار

المزايا الخمس لمخطط خميسة لمستقبل الكهرباء في مصر

هاني محمود النقراشي

المزايا الخمس لمخطط خميسة
لمستقبل الكهرباء في مصر
‌أـ ميسورة
‌بـ نظيفة
‌جـ مأمونة
‌دـ مضمونة
‌هـ مستدامة

بعد تلخيص الميزة الأولى وهي (التكلفة الميسورة) التي تتألق سطوعا بأنها لا تحرق الوقود الحفري لإنتاج الكهرباء ولذلك لا تتأثر بسعر الدولار أو غيره، بل وقودها هو أشعة الشمس المصرية، وهذا هو لب الميزة الثانية (نظيفة) لأنها لا تسبب انبعاثات ضارة بالغلاف الجوي ولا يتبقى بعد نهاية خدمتها نفايات سامة أو ملوثة للبيئة وهي لذلك تتمتع بالميزة الثالثة (مأمونة) بمعنى أن استعمالها آمن من ناحية أنها لا تسبب حوادث ولا ذبذبات ضارة بالشبكة لأنها تستخدم تربينة بخارية مثل أغلب محطات الكهرباء، وتصميم مخطط خميسة يضمن استمرار الإمداد الكهربي 365 يوما في السنة فهي لذلك تتفوّق بالميزة الرابعة وهي (مضمونة) فإنها لا تتأثر بالحصار الاقتصادي ولا حتى بالكوارث الطبيعية وهي لذلك ولأسباب أخرى *(مستدامة)* وهي الميزة الخامسة.
عندما نتتبع الاكتشافات الجديدة في مجال الطاقات الحفرية نستطيع بسهولة استنتاج أنه في غضون 100 إلى 150 سنة ستكون كل مصادر الطاقة الحفرية قد بدأت مرحلة النضوب النهائي، ومؤشراتها – وهو ارتفاع سعرها المستمر – يقلقنا اليوم. وما مقدار مائة سنة بالنسبة لدولة يزيد عمرها عن خمسة آلاف عام ليس إلا مقدار غمضة عين. نحن إذن في منحنى ارتفاع سعر سلعة – نتوهم أنها ضرورية لحياتنا مثل الهواء والماء – والحقيقة أنها ناضبة فما أبعدها عن الاستدامة؟
إن غيرنا الذين يعتمدون على الطاقات الحفرية لتحلية ماء البحر سيجدون أنفسهم في ورطة مزدوجة، لأن غلاء وشح الطاقات الحفرية سينتج عنه غلاء الماء العذب مع تضاؤل وجوده. بينما الحل متاح أمامنا وهو تحلية مياه البحر باستعمال الطاقات المتجددة، وأفضلها هي الطاقة الشمسية الحرارية لتوافرها في الصحاري بأكثر من احتياجنا. إذن في غضون الزمن المتاح يجب أن نطوّر مصدرا مستداما للطاقة يمكن أن نعتمد على استدامته ما دامت البشرية على وجه الأرض، ولا شك أن الشمس هي محرك أهم الطاقات المتجددة، فهي التي تدفع الرياح وهي التي تبخّر ماء البحر لينزل مطرا يغذي الأنهار وهي التي تسطع بأشعتها الحارقة على الصحاري فالاستدامة ترتبط بعمر الشمس في الكون.
ولكن لا داعي لنجاهد بتصورنا المحدود للاستدامة إلى تقدير عمر الشمس بحالتها الحالية – أي دون أن تخفت فنموت بردا ولا تتوهج حتى تحرقنا جميعا – حيث أن تقديرات العلماء تذهب إلى 850 مليون عام لو لم يطرأ حادث آخر ينهي البشرية مثل أن تصطدم الأرض بأحد الأجرام السماوية.
لا داعي لأي تقدير لأن أمامنا مثال ناضج للاستدامة وهو الهرم الأكبر الذي بناه أجدادنا منذ أكثر من 4500 عام. لأنه مع الأهرام التي سبقته في مصر يقفون شهودا على الاستدامة، حيث أن الأهرام التي سبقته كانت محاولات لاكتشاف القواعد الطبيعية لحماية الأحجار من الانهيار، فبعد الاقتناع بأن الشكل الهرمي هو الأفضل أرادوا زيادة الأمان بأن رفعوا الأركان الأربع للقاعدة قليلا ليكون اتجاه انزلاق الحجارة – إذا حدث – إلى مركز الهرم وليس إلى الخارج. هذا الإجراء يجعل أسطح الهرم مقعّرة قليلا. وهذا يمكن التحقق منه لو زرت الهرم يوم 21 مارس أو يوم 21 سبتمبر قبيل الغروب، وهما اليومان اللذان يتساوى فيهما زمن الليل والنهار. في هذين اليومين تغرب الشمس جهة الغروب تماما، ومعلوم أن توجّه أسطح الهرم الأربعة إلى الجهات الجغرافية الأربع يجعل أشعة الشمس في غروب اليومين المذكورين تسري موازية للسطحين الجنوبي والشمالي. فإذا نظرت لأحد السطحين ستجد أن نصفه الشرقي مضاء بنور الشمس بينما نصفه الغربي يقع في الظل وهذا دليل على تقعّر هذا السطح بعكس ما يبدو من أنه مسطح. نظرا لصعوبة تنفيذ هذا الإعجاز الهندسي، لم يُأخذ به في بناء الأهرام التي تلته.
عودة إلى حيثيات الاستدامة في مخطط خميسة … فهو مصمم لالتقاط الشعاع الشمسي بمكوّناه الأساسيان وهما الضوء بمقدار الثلث والحرارة بمقدار الثلثين تقريبا. وتركيز المكونين يعطينا حرارة تتعدى 500 مئوية وهذه الحرارة تفوق الحرارة المنتجة في معظم المحطات التقليدية لإنتاج الكهرباء بنفس التقنية التقليدية أي تسخين الماء لتحويله إلى بخار ذو ضغط عال يوجّه لإدارة تربينة بخارية تدير بدورها مولّد الكهرباء بينما يوجّه البخار إلى مكثّف ليعود ماءا لإعادة الدورة. هذه الدورة الحرارية ينتج عنها حرارة فائضة تتخلص منها الدورة خلال المكثف. وهذه الحرارة الفائضة هي التي تستعملها *خميسة* في إزالة ملوحة مياه البحر بتقنية التقطير المتتابع التي ينتج منها ماءا مزال ملوحته كلية. إذن *خميسة* تحقق الاستدامة من وجهين وهما استخدام أشعة الشمس وإنتاج ماء عذب من المحيطات.
*ملحوظة: لن نجد أي نظام لإنتاج الطاقة الكهربائية سواء حفرية أو طبيعية تجتمع فيه كل هذه الميزات الخمس*