قطاع السيارات تتسارع نحو مستقبل قائم على البرمجيات… مع توقع تضاعف مساهمة الإيرادات خلال العقد القادم

يشهد قطاع السيارات تحولًا جذريًا مع تزايد اعتمادها على البرمجيات كعنصر محوري في استراتيجيات الأعمال وعمليات التشغيل. ووفقًا لتقرير جديد صادر عن معهد كابجيميني للأبحاث بعنوان «عصر التنقل المدفوع البرمجيات: ما بعد المركبات»، فإن ما يقارب 92% من شركات السيارات تتوقع تحُول جميع شركات السيارات إلى شركات برمجيات لدعم مفهوم المركبات المعرفة بالبرمجيات (SDVs) وخدمات التنقل المدفوعة بالبرمجيات (SMD). إضافة على ذلك، ثمانية من كل عشرة يتوقعوا أن القيمة الأساسية ستتمحور مستقبلًا حول المنتجات والخدمات البرمجية،
وليس السيارة المادية فقط.
ويشير التقرير إلى أنه رغم الطموحات الواعدة، فإن أقل من نصف شركات السيارات تمكنت من توسيع نطاق مبادرات المركبات المعرفة بالبرمجيات في عام 2025؛ حيث حقق 34% منها تطبيقًا جزئيًا لحالات استخدام محددة، بينما وصل 14% فقط إلى مستوى التطبيق الكامل.
وفي حين أن فصل العتاد (الهاردوير) عن البرمجيات أصبح أمرًا بالغ الأهمية لتمكين الابتكار السريع وتحسين قابلية التوسع وفتح مصادر جديدة للإيرادات، أظهر الاستطلاع أن شركة واحدة فقط من كل عشر شركات تصنيع أصلية (OEMs) حققت تقدمًا في هذه الرحلة، بينما يقوم ربعها تقريبًا بتجربة أساليب جديدة.
وقالت لورانس نويل، الرئيس العالمي لقطاع السيارات في كابجيميني:”على مدى عقود، كان التميز في صناعة السيارات مدفوعًا بالعتاد، لكن المستهلكين اليوم يطالبون بتجارب متصلة ورقمية محسّنة. وهذا يستدعي اعتماد نهج يضع البرمجيات في المقدمة عبر سلسلة القيمة لتمكين حلول تنقل متكاملة. الشركات الطموحة تتعامل بالفعل مع البرمجيات باعتبارها منتجها الأساسي، وتستفيد من الشراكات لتوسيع منظومتها. ورغم أن الطموحات كبيرة، فإن تحقيقها يتطلب إعادة هيكلة تنظيمية شاملة. الشركات التي تنجح في مواءمة المواهب والمنصات والشراكات، مع بناء الثقة وتقديم تجربة عملاء متقدمة، ستكون الأقدر على المنافسة.”
الشراكات الاستراتيجية والتعاون ضمن المنظومة يسرّعان التحول نحو SDM
وفقًا للتقرير، تدرك شركات السيارات بشكل متزايد أهمية التعاون الواسع، حيث أقام نحو اثنين من كل خمسة شراكات مع شركات التكنولوجيا الكبرى ومزودي الخدمات السحابية للحصول على قدرات أساسية في البرمجيات والبيانات. ورغم أن عددًا قليلًا فقط أسس مشاريع مشتركة حتى الآن، يخطط ثلث الشركات للقيام بذلك خلال ثلاث سنوات. كما أن 84% تبحث في أسواق موردين جديدة لتعزيز المرونة، بينما يضاعف نحو 70% استثماراته في تطوير المكونات الأساسية داخليًا للحفاظ على التحكم في التقنيات التي تحدد هوية العلامة التجارية. كذلك، تعيد المؤسسات هيكلة سلاسل التوريد لمواجهة التحديات الجيوسياسية، من خلال التوجه إلى أسواق جديدة مثل الهند وجنوب شرق آسيا وأوروبا الشرقية.
ومن المتوقع أيضًا أن تصبح المنتجات والخدمات المعرفة برمجيًا مصدرًا مهمًا للإيرادات بالنسبة للشركات المصنعة للمعدات الأصلية (OEMs). حيث يُتوقع أن تتضاعف حصتها من إجمالي الإيرادات لتتجاوز 50% بحلول عام 2035.
الذكاء الاصطناعي يقود عصرًا جديدًا من الابتكار في صناعة السيارات
يبرز التقرير أن الغالبية العظمى (85%) ترى أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا أساسيًا من برمجيات السيارات، مدمجًا في الميزات والوظائف بدءًا من تحسين تجارب القيادة داخل المركبة، وصولًا إلى تعزيز ميزات السلامة المتقدمة ودعم الأمن السيبراني.
كما يعتبر 77% من شركات السيارات أن دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير البرمجيات، ووظائف المركبات، وخدمات التنقل يمثل ميزة تنافسية جوهرية ستعيد تشكيل سلسلة القيمة. فمن خلال خفض التكاليف، وتعزيز الإنتاجية والكفاءة، وتحسين جودة المنتج، تدفع تقنيات الذكاء الاصطناعي القطاع نحو حقبة جديدة من الابتكار؛ لاسيما في مجالات رئيسية مثل: أنظمة مساعدة السائق المتقدمة (ADAS – Advanced Driver Assistance Systems)، وتقنيات القيادة الذاتية (Autonomous Driving)، والتي تمثل جانب بالغ الأهمية في استراتيجيتهم البرمجية
التنقل المدفوع بالبرمجيات يتطلب إعادة هيكلة تنظيمية كاملة
يشير الاستطلاع إلى أن معظم المؤسسات (86%) تعتقد أن استراتيجية SDM تستلزم إعادة هيكلة للنموذج التنظيمي، ما يؤدي إلى تغييرات كبيرة في العمليات والحاجة لبناء مهارات جديدة. وبالإضافة إلى التغييرات الهيكلية، تواجه المؤسسات مجموعة من التحديات في مجالات هندسة البرمجيات، والامتثال، والسلامة، والأمن السيبراني، والقيادة، واستقطاب الكفاءات. كما ترى أكثر من ثمانية من كل عشرة مؤسسات (83%) أن إنشاء منصة برمجيات موحدة يمثل عنصرًا أساسيًا في استراتيجيتها للتحول نحو التنقل المدفوع بالبرمجيات.
منهجية التقرير
في يونيو 2025، أجرى معهد كابجيميني للأبحاث استطلاعًا شمل 600 من التنفيذيين في 200 شركة سيارات راسخة، بحد أقصى أربعة مشاركين من كل شركة. مثّل هؤلاء التنفيذيون شركات عبر أربعة قطاعات: الشركات المصنعة للمعدات الأصلية (OEMs)، الموردين، مزودي خدمات التنقل، والشركات الرقمية الناشئة، من دول في أمريكا الشمالية وأوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ (APAC). وقد تم استكمال الاستطلاع بمقابلات مع أكثر من 15 خبيرًا في القطاع.