دعوة الدول الإفريقية إلى اغتنام الفرص لتعزيز اقتصاداتها من خلال خططها الوطنية المناخية الجديدة “NDCs”

مع اقتراب المواعيد النهائية لجميع الدول الأطراف في اتفاق ” باريس للمناخ ” لتقديم خططها الوطنية المناخية الجديدة “NDCs ” تدعو الأمم المتحدة الحكومات الإفريقية لتقديم خططها الوطنية “NDCs ” باعتبارها فرصة لتعزيز اقتصاداتها وتحسين ظروف المعيشة في مختلف أنحاء القارة.
وقال سيمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ: “الخطط المناخية الوطنية القوية هي بمثابة خرائط طريق لاقتصادات أقوى، ووظائف أكثر، ومستويات معيشة أعلى في جميع الدول الإفريقية. هذه الخطط تفتح الباب أمام صناعات جديدة، واستثمارات ضخمة، وطاقة نظيفة ميسورة التكلفة ومتاحة للجميع، وبنية تحتية أكثر مرونة في مواجهة الكوارث المناخية التي تضرب البلدان الإفريقية بشكل متزايد كل عام.”
أضاف: “إفريقيا ليست فقط في الخطوط الأمامية لتأثيرات المناخ، بل هي أيضًا في طليعة الحلول حيث نشهد في مختلف أنحاء القارة إمكانات هائلة وابتكارات تخفف من التلوث المسبب للاحتباس الحراري وتبني اقتصادات أكثر مرونة فالخطط المناخية القوية هي المفتاح لتحويل هذه الإمكانات إلى نتائج اقتصادية ملموسة على نطاق واسع، بما في ذلك خلق ملايين الوظائف الجديدة.”
دعوة لتقديم الخطط الوطنية الجديدة (NDCs)
تدعو الأمم المتحدة جميع الدول إلى تقديم خططها المناخية الجديدة، المعروفة رسميًا باسم المساهمات المحددة وطنيًا (NDCs)، في أقرب وقت ممكن قبل محطات مهمة، من بينها قمة المناخ التي يعقدها الأمين العام للأمم المتحدة في سبتمبر، ومؤتمر المناخ COP30 المقرر في البرازيل في نوفمبر.
رغم أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق أكبر الاقتصادات، التي تحدد خياراتها مسار الانبعاثات العالمية، إلا أن من الضروري أن تقدم كل دولة خطتها الأكثر طموحًا، من أجل تعزيز الاستجابة الجماعية للبشرية، وكذلك دعم الازدهار والأمن الوطني لكل دولة.
أمثلة من إفريقيا:
● جنوب إفريقيا: تركز خطتها على انتقال عادل يحمي العمال والمجتمعات، وتوسيع مصادر الطاقة المتجددة لتعزيز أمن الطاقة. وشهدت الشراكات الدولية زيادة في الاستثمارات من 8.5 إلى 11.6 مليار دولار لدعم التحول من الفحم إلى الطاقة النظيفة.
● نيجيريا: تعتمد نهجًا يشمل الحكومة والمجتمع بأكمله، حيث تربط العمل المناخي بخلق فرص العمل، والحد من الفقر، وتحسين الوصول إلى الطاقة. أكثر من 85 مليون شخص يفتقرون للكهرباء، ما يجعل الطاقة الشمسية اللامركزية أمرًا بالغ الأهمية. من المتوقع أن تخلق الطاقة الشمسية الواسعة النطاق حوالي 33,905 وظيفة خضراء مباشرة بحلول عام 2030، بينما توظف أنظمة الميكرو-سولار الشباب كـ”ضباط طاقة”. أعاد مشروع “الجدار الأخضر العظيم” تأهيل أكثر من 5 ملايين هكتار، وتوفر غابات المانغروف الكبيرة مخازن للكربون وحماية من الفيضانات. وتُصمم خطة نيجيريا المناخية المقبلة كاستراتيجية استثمار وطني تهدف إلى خلق ملايين الوظائف الخضراء بحلول 2035.
● المغرب: يُعد رائدًا إقليميًا في الطاقة المتجددة، حيث يحتضن مجمع ورزازات الشمسي، أحد أكبر المشاريع في العالم، كمثال بارز على ما يمكن أن تحققه الطموحات الوطنية من طاقة نظيفة على نطاق واسع.
● الأحداث المناخية الأخيرة مثل “أسبوع المناخ في إثيوبيا” و”معرض التكيّف في زامبيا” سلّطت الضوء على حلول مبتكرة وعملية تتبلور في جميع أنحاء الدول الإفريقية، يمكن توسيع نطاقها وتكرارها إقليميًا وعالميًا.
إفريقيا تقود الطريق
تزايد الزخم من أجل العمل المناخي في إفريقيا يتضح من خلال نتائج قمة المناخ الإفريقية في أديس أبابا، والتي أكدت على أن العمل المناخي يجب أن يكون محركًا للتنمية والاستثمار. وأعاد إعلان نيروبي (سبتمبر 2023) التأكيد على دور القارة كمحرك للحلول العالمية.
تُحث الدول الإفريقية الآن على تحويل هذه الإشارات السياسية إلى خطط ملموسة تفيد شعوبها واقتصاداتها، بما يتماشى مع رسالة سيمون ستيل بأن “التنفيذ هو العامل الأساسي للعدالة المناخية والفرص الاقتصادية”.
ومن خلال مبادرات مثل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، يمكن للدول الإفريقية بناء سلاسل إمداد إقليمية مرنة، وتصدير المنتجات والخدمات الخضراء، وتعزيز الازدهار المشترك.
التمويل المناخي: أولوية أساسية
لا يزال التمويل المناخي عنصرًا محوريًا وأساسيًا لتمكين الدول النامية والهشة من تنفيذ خطط مناخية أقوى. التمويل المناخي ليس إحسانًا، بل هو استثمار في الازدهار المشترك، وهو أمر حاسم لتحويل الطموحات المناخية إلى نتائج اقتصادية حقيقية.
في COP29 الذي انعقد في أذربيجان، تم الاتفاق على مضاعفة التمويل المناخي ليصل إلى 300 مليار دولار سنويًا، ويُنتظر أن يتم الإعلان عن خارطة طريق مالية جديدة في COP30 بالبرازيل تهدف إلى رفع التمويل المناخي إلى 1.3 تريليون دولار سنويًا بحلول 2035.
نائبة الأمين التنفيذي