هاني محمود النقراشي يكتب:٥ محطات شمسية حرارية .. ضربة معلم !

الذين يعرفون قيمة البناة فى الماضى,يستطيعون أن يبنوا المستقبل,ولا بناء بدون تخطيط,والتخطيط مذاهب ونظريات,أهمها ما يجعل المستقبل يأتى إليك مهرولا,وفى ثلاث سنوات لاعشر.
تذكرت ذلك حين فاجئني صديق لي سائلاً :هل رأيت هذا الطيش؟” وهو يشير إلى إعلان وزارة الكهرباء, دعوة الشركات المتخصصة لتقديم عروض إنشاء خمس محطات شمسية حرارية CSP مرتبطة ببعضها البعض في شبكة خاصة.
واستطرد قائلا: “لم يصادفني في حياتي العملية أن تطلب هيئة ما خمس محطات دفعة واحدة”!
قلت له وأنا أحاول تهدئته: إنما هي ‘ضربة معلم يا صديقي ‘ لأنها توفر مزايا فنية ومالية هائلة .
ولما سألنى وما الفنية ,حاولت أن أوجز له لأنه غير متخصص فقلت:
١-إن مثل هذه المحطات, يستغرق بناؤها من أول ضربة فأس في الأرض ,إلى الإمداد الكهربائي المنتظم سنتين.
إذن لو بنيت كل واحدة على حدة ,سوف يستغرق البناء عشر سنوات، أما إذا بنيت بالتدرج, أي من خلال تقسيم عمليات البناء لثماني وحدات متساوية في زمن إنجازها – وهو ثلاثة شهور – وكل وحدة لها فريق الفنيين المتخصص لها، فستنتهي المحطة الأولى بعد ٢٤ شهرا والثانية بعد ٢٧ شهرا … والأخيرة بعد ٣٦ شهرا, أي بعد ثلاث سنوات بدلا من عشر والمكسب من ذلك سنوات.
٢-إن هذه المحطات تنتج كهرباء نظيفة, (خالية من الانبعاثات الضارة), لذلك تصلح لإنتاج الهيدروجين الأخضر, الذي يدخل في إنتاج الوقود السائل النظيف، ومع وجودها في شبكة خاصة, سوف يتم تفادى خلطها مع كهرباء الشبكة العامة وغالبية الكهرباء الخاصة بها مصدرها أحفوري .
٣-إذا استخدمت كهربائها, لإنتاج الهيدروجين الأخضر فسيكون سعره منافسا لنظيره الأمريكي المدعوم بمبلغ ٢ – ٣ دولار لكل كيلوجرام, لأن كهربائها منتظمة وليست متقطعة, مثل كهرباء الرياح أو الخلايا الضوئية.
وهذا الانتظام في الإمداد حسب الطلب يعزز التحليل الكهربائي, مع افتراض أن المحطات مزودة بتخزين حراري, يكفي لتشغيلها أطول ليل في الشتاء.
٤-إضف إلى ذلك ,فإنه عندما تكون المحطات متماثلة تماما, يمكن التوفير في عدد قطع الغيار في المخازن.
٥-مع ملاحظة أنه عند تدريب الفنيين, سواء للإنشاء أو للتشغيل أو للصيانة تستعمل نفس المستندات، فلا مجال للبحث عن الرسم الصحيح لأي من المحطات، وبذلك تقل الأخطاء العفوية.
٧-أما جدول الصيانة السنوية, فيحدد أوقات عمل الصيانة في الشتاء, حيث الطلب على الكهرباء ٢٠٪ أقل من الصيف. وبذلك تكفي ٤ محطات لتلبية الطل, بينما تقفل محطة واحدة بالتوالي لعمل الصيانة الدورية، بحيث تكون كل المحطات الخمس في بداية الربيع مستعدة لفترة الصيف.
ولما بدأت أشعر بان صديقى بدأ يرى المستقبل أمامه,استطردت لأشرح له المزايا المالية قائلا :
أـ أنت تعرف أن سعر الجملة غير القطاعي, وبذلك يكون للمستثمر تخفيض خاص, ينعكس على سعر توريد وحدة الكهرباء .
بـ- هذه المحطات لا تستعمل أي نوع من الوقود الحفري الذي تستعمله محطات الكهرباء التقليدية، إذن يتوفر الوقود لتشغيل قدرة مساوية من المحطات التقليدية التي تعاني من نقص الوقود.
جـ-الأفضل من ذلك هو تجنيب ثمن الوقود المكافئ لإنتاج كهرباء المحطات الخمس في “حصالة”، حيث أنه في خلال سنة يكفي الثمن لشراء المحطة رقم ٦ وفي السنة التي تليها لشراء المحطة رقم ٧ . أي بعد ٥ سنوات يكون عندنا مجموعة خمسية ثانية.
وتوفير ثمن الوقود من المحطات العشر في سنة واحدة يكفي لبناء محطتين من نفس النوع، وبعد إتمام المجموعة الخمسية الثالثة يتوفر لنا من ثمن الوقود ما يكفي لبناء ثلاث محطات مماثلة أو خمس محطات لأن سعر الوقود في ارتفاع مستمر بينما سعر المحطة ينخفض بسبب زيادة الخبرة وزيادة نسبة المكون المحلي وهكذا تزداد سرعة بناء المحطات النمطية بأكثر من زيادة الطلب على الكهرباء.
دـسيأتي البنك الدولي ويعرض علينا القروض (التي لا نحتاجها للمحطات) ولكن قد نحتاجها لمشروعات التنمية الأخرى فإذا كانت مشروعات تفيد المجتمع مثل تحلية مياه البحر، نطلب منها أقل فئة من الفائدة. بحيث يتناسب تخفيض الفائدة مع النفع للمجتمع.
هنا سينظر لنا الأوروبيون ويتبادلون القول: “هم حقا تعلموا من أجدادهم بناة الأهرام، إذ طالما تساءلنا “لماذا بنى الملك سنفرو ثلاثة أهرامات، مع أنه لم يُدفن في أي منهم؟! … والآن عرفنا أنه كان يسعى للإتقان الذي حققه ابنه خوفو باني أكبر وأعظم وأنقى صرح هندسي في البشرية.”
وـهنا سيستجدينا الاتحاد الأوروبي مطالبا :”اعطونا من بعض ما عندكم”، نحن نكافح منذ عشرات السنين للتغلب على الطاقات المتقطعة عندنا دون نجاح يذكر لأن التغير المناخي يسبقنا،.امنحونا كهرباء نظيفة لتكون عونا لنا لسد الفجوات التي تتركها الظروف الجوية في منطقتنا الشمالية.
*والآن ما هي ضربة المعلم التالية؟

